كنت ادرس نظريات في علم النفس والتربية، كنت مبهورا بتلك النظريات وكان انبهاري هو سبب سخرية زملائي مني، فكانوا يقولون لي:لا تصدق كل ما يقولونه لنا من نظريات، فهذا مجرد كلام لنحفظه ونمتحن فيه وينتهي الأمر.
لم اقتنع بكلامهم وتخرجت في الكلية وقمت بالتدريس في المدرسة وفي دروس التقوية بالكنيسة حيث قابلت “عماد”.
كان متعثرا جدا في دراسته فكان هو المستحوذ دائما علي درجة “صفر”.
كانت ملابسه نظيفة ولكنها تدل علي مستوي اقتصادي اقل من المتوسط.
جلست أتحدث إليه وعرفت أن أباه يعمل فراش مدرسة ويعمل في مدرسة ابتدائية.
حاولت أن ادفعه ليرتفع بمستواه الدراسي قليلا ولكنه كان مصّراً علي درجة”صفر”.
لاحظت انه-وهو في الإعدادية- لا يجيد القراءة ولا الكتابة.. وقتها قررت أن أزره في بيته لأتعرف علي أسرته علّني استطيع تفسير هذه المشكلة الغريبة.
وفي اليوم المحدد ذهبت لبيت أسرة “عماد”، البيت بسيط في أثاثه ولكنه نظيف وجميل، أبوه رجل صعيدي وتبدو علي قسمات وجهه ملامح التعب والنضال في الحياة فهو يعول أسرة كبيرة..زوجته وأولاده الخمسة الذين يعتبر “عماد”أكبرهم.
بعد فترة من الكلام العام والترحيب والمجاملات صارحت الرجل بالمستوي الدراسي المتدني لعماد ثم سألت الأب:”أزاي عماد ابنك وصل لتالتة إعدادي ومابيعرفش يقرا؟”.
فأجاب الرجل:”طول فترة ابتدائي وعماد بينجح بالغش لأني فراش المدرسة والمدرسين بينجحوه مجاملة لي،ولما بقي في إعدادي برضو المدرسين بينجحوه مجاملة لزمايلهم اللي عندنا في المدرسة الابتدائية”.
قلت للأب:”يؤسفني أن أقول لك إن عماد لا يمكن ينجح في الإعدادية ولو نجح بالغش فلا يمكن يستمر هكذا في ثانوي”.
سألني الرجل:”اعمل إيه؟”.
قلت له:”أمامك أحد حلين:فإما أن تبدأ بتعليمه القراءة والكتابة والحساب ليقترب مستواه من مستوي طالب الإعدادية وهذا سيضّيع عليه أكثر من سنة وسيرسب هذه السنة وإما أن تخرجه من المدرسة ليتعلم حرفة تناسبه”.
غضب الأب جدا من اقتراحاتي وانفعل وثار فهداته وأقنعته بإنني لا مصلحة لي في شيء فأنا إنما أقول له ما سيفيد ابنه وما سيكون في صالح مستقبله.
ومرت السنون ولم اعد أري “عماد”،وفي يوم من الأيام وبينما أنا سائر في طريقي اعترضني شاب طويل وعريض،نظرت لوجهه المبتسم الأسمر..انه “عماد”.
احتضنته وقبلته وسألت عن أحواله فقال لي:
“بعد زيارتك لنا في البيت من خمس سنين تضايق أبي منك جدا ومنعني من حضور الدرس الذي تدّرسه..وفي تلك السنة رسبت وفي السنة التي بعدها مما أثار ضيق أبي فسألني أبي وهو منفعل:أنت عايز إيه؟فقلت له :عايز اشتغل.فأخرجني أبي من المدرسة وعملت صبي نجار،وفي خلال سنتين تقريبا أتقنت العمل لأني كنت أحب النجارة مما جعل صاحب الورشة يعتمد عليَّ في العديد من الأعمال وصارت يوميتي كبيرة وخرج أبي علي المعاش وأنا أساعده في تربية إخوتي،ولكن الغريب في الأمر جدا إن أبي تذكرك منذ ما يقرب من شهر وقال لي:فاكر يا عماد أستاذك اللي اقترح عليَّ أشغلك؟الله يمسّيه بالخير كان عنده حق.والآن يا أستاذ كما تراني قد صرت كسيبا والحمد لله”.
ما أن انتهيت من لقائي مع عماد فكرت..
فالنجاح يتحقق من خلال إتباعنا لبعض الخطوات:
فأولا:عليك أن تؤمن انك تستطيع أن تنجح لو أردت، فالنجاح قدرة تقبع في أعماقك، لو اكتشفتها وأظهرتها وبذلت الجهد في عملك فبلا شك ستنجح.
ثانيا:عليك أن تعمل العمل الذي تحبه.
ثالثا:وان تعمل في التخصص الذي يتناسب مع قدراتك ومواهبك.
رابعا:ألا تهدف من نجاحك إلي تفوقك الشخصي علي الآخرين أو إلي إشباع رغبتك في التميز، بل اهتم بان يكون نجاحك لأجل الآخرين ولأجل خدمتهم، فهذا هو النجاح الحقيقي.
لو كانت لديكم مذكرات مشابهه لما قرأتموه فلماذا لا تكتبوا لنا عنها.
نرحب بكتاباتكم
أزمة منتصف العمر
أولاً: مقدمة وتعريف تعرف ازمة منتصف العمر بانها المرحلة التى يمر بها الانسان ما بين 40 – 5…