أولاً: مقدمة وتعريف

تعرف ازمة منتصف العمر بانها المرحلة التى يمر بها الانسان ما بين 40 – 50 سنه تقريبا . وقد يبدأ الانسان هذه المرحلة قبل ذلك بقليل نتيجة ضغوط نفسية شديدة او احداث مفاجئة وصعبة .

ثانياً:  ملامحها وأسبابها

تعتبر هذه المرحلة كما هو واضح من اسمها ” أزمة”  حيث يودع الشخص مرحلة الشباب بكل عنفوانه وتبدو عن بعد مرحلة الشيخوخة بكل تعقيداتها ، كما ان الاشخاص من رجال ونساء يدخلون هذه  المرحلة وبداخلهم مخاوف وتوقعات سيئة مثل خوفهم من تدهور الحالة الصحية أو انخفاض درجة القوة الجنسية لدى الرجل ، أو خوف المرأة من ابتعاد شريك الحياة عنها . ورغم ان أغلب هذه المخاوف لا يوجد لها سبب علمى او جسمانى الا انه يحدث فى احيان كثيرة ان تتحقق هذه المخاوف وذلك نتيجة توقع الشخص ان يحدث معه فيحدث معه فعلا ، حيث تعمل هذه التوقعات مثل نبوءات تتحقق لمجرد ان الشخص يؤمن فى تحققها فى حياته ويسمى ذلك بالنبوءات ذاتية التحقيق .

وبالرغم انه لا تحدث اى تغييرات غير طبيعية فى جسم الرجل او المرأة بصفة عامة الا ان هناك بعض الامور االقليلة والتى تحدث كالاتى :

بالنسبة للرجل والمرأة معا يحدث فى هذا السن ان تقل كفاءة الجسم فى حرق كمية السكريات التى كان يقوم بحرقها من قبل ، لذلك فلابد من تقليل كمية الطعام والدهون والكوليسترول والاهتممام بالرياضة . كما تقل عدد ساعات النوم عن ذى قبل فيكفى الشخص من 5 – 6 ساعات نوم فى اليوم.

اما بالنسبة للمرأة فيحدث معها ثلاثة امور :

ظاهرة تسمى “Hot Flashes” وفيها تشعر المرأة بسخونة فى جسمها تستمر لعدة ساعات بالرغم ان الجو لا يكون بهذه السخونة ، ومن ثم تنتهى فجأة كما بدأت .

نقص هرمون البروجيسترون  )هرمون الأنوثة) وجفاف جدران المهبل.

انقطاع الدورة الشهرية

 

وفى جميع الحالات السابقة لا يشترط ان تحدث هذه الاعراض مع جميع الاشخاص قد تحدث كما قد لا تحدث .

اما بالنسبة للحالة النفسية فتتأثر بشدة حيث يصاب كل من الرجل والمرأة بنوع من الاضطراب والقلق والتوتر وقد ينتج عن ذلك تأثر شديد فى العلاقة الزوجية قد تؤدى حتى للطلاق او الانفصال ( معظم حالات الطلاق فى الخارج تحدث فى حدود هذا السن تقريبا ) كما تكون هناك مخاوف من المستقبل وربما اكتئاب على اخفاقات الماضى .

 

ثالثاً: تحديات هذه المرحلة

1- التغيرات التى تحدث فى شكل الرجل والمرأة :

والواقع ان هذا يهدد كلاهما ، فعند تقدم السن والوصول الى هذ المرحلة يبدأ الشعر فى التساقط وتظهر التجاعيد على الوجه وتتأثر الاسنان أيضا . وهذا الامر بطبيعة الحال يهدد المرأة اكثر من الرجل حيث تشعر بنقص جاذبيتها للزوج وان الكلام الجميل تحول الى اطراء ومجاملات من الاصدقاء والمقربين .

2- التغيرات التى تحدث فى الصحة :

من الطبيعى ان تبدأ صحة الانسان فى التدهور نتيجة لتقدم العمر ونقص كفاءة الشخص فى اداء بعض الامور ولا سيما فى مجال العمل بالنسبة للرجل ، وهذا الأمر بالطبع يهدد الرجل أكثر من المرأة.

3- خوف الرجل من تأثر القدرة الجنسية لديه ، وهذا الامر مرعب جدا للرجل . وان كان فى الواقع ان الشخص علميا لا تتأثر قدرته الجنسية فى هذا السن سوى تأثره الطبيعى نتيجة تقدم السن ، وان كان هذا يحدث نتيجة لخوفه وتوتره ان تتأثر قدرته الجنسية بالفعل .

4- التنافس مع السن الاصغر :

عندما يصل الشخص الى سن 40 -50 سنه يبدأ فى ان يرى الشباب الاصغر سنا يزاحمونه فى الحياه وخصوصا فى مجال العمل فيبدأ فى الشعور بالخوف فى ان يتم التخلى عنه لانه يبدو اقل كفاءة امام الشباب المملوء بالحماس والقوة ، اذ انه يكلف صاحب العمل اكثر بكثير من شاب صغير مستعد ان يؤدى نفس الاداء او اكثر بأجر اقل ، وقد يحدث نفس الشىء ايضا فى مجال الخدمة فى الكنيسة  او فى مجال الهوايات و  الرياضة .

5- الرجل فى هذه المرحلة يبدأ فى مراجعة ما مضى من حياته ليرى هل حقق ما كان يطمح اليه ، فأذا ما اكتشف انه لم يحقق ما كان يريده فانه يبدأ فى الاستسلام اذا يدرك ان ما قد مضى من العمر اكثر مما هو ات ، ويتمنى لو انه تمكن من الثبات على ما وصل اليه الان فهو يعلم ان الحياة القادمة ستكون اصعب بكثير مما قد فات ، وحتى عندما يحقق الرجل احلامه فيبدو انه ينظر الى ما قد حققه على انه لم يكن مشبع له كما كان يتصور بل انه يتحدث بلسان سليمان فى سفر الجامعه اذ يقول “باطل الأباطيل ، الكل باطل “.وعند هذه النقطة بالذات قد يقدم الشخص على الانتحار عندما يرى انه لم يحقق شىء او انه قد جاهد وكافح وحقق ما اراده لنفسه لكنه اكتشف انه ما زال غير سعيد  او انه يعيش فى دوامة وفراغ .

6- بالنسبة للمرأة فانها تبدأ فى الصراع مع شعورها بتباعد الزوج عنها مما يجعلها متوترة وذات مزاج عصبى ومتقلب .

تصارع المرأة ايضا اكثر من الرجل مع شعورها بالوحدة  نتيجة عدم اهتمام الزوج من جانب ، ومن جانب اخر نتيجة ان الاولاد يكونوا قد وصلوا لسن الجامعه او العمل حيث يقضزن معظم اليوم خارج المنزل ، او يكونوا قد تزوجوا حيث تبدأ المرأة على اى من هذه الاحوال فى المعاناة من ظاهرة “العش الفارغ”

7- كل من الرجل والمرأة فى هذه المرحلة يكون مجربا بالسقوط فى الخيانة الزوجية ، ويدعم ذلك رغبة الرجل فى اثبات انه مازال قادرا على اجتذاب النساء كما انه يكون قد وصل الى الخبرة الجنسية التى تجعله قادرا على التأثير على النساء ، وبالنسبة للمرأة فان شعورها بتباعد الزوج واحساسها بالوحدة ورغبتها فى تدعيم انوثتها المتداعية قد يسمح لها بالتمادى فى علاقة ما خارج نطاق الزواج ، والحقيقة ان هذه التجربة تشمل المؤمنين كما تشمل غير المؤمنين على السواء ، الذين يخدمون والذين لا يخدمون فمن المهم جدا اخذ الحذر فى هذه المرحلة بكل الطرق والوسائل .

8- قد يحدث فى هذه االمرحلة ان يتشكك الانسان فى معتقدات اساسية قد كان ثابتا عليها طوال الفترة السابقة ، وقد يكون وصل فى هذا السن الى مرحلة متقدمة من الايمان والخبرة بل والخدمة الكنسية ويجد نفسه متشككا فى الكتاب المقدس او فى حقيقة الخلاص او فى مجىء المسيح التانى ، ويبدأ الشخص نتيجة عدم ادراكه لسمات هذه المرحلة يبدأ فى ان يمتلىء بالرعب من نفسه،  والواقع ان انكاره لوجود مثل هذه الشكوك يجعل المشكلة تتشعب وتتفاقم اكثر ، بينما السبب فى ذلك يرجع الى التوتر والقلق الذى ينتاب الانسان فيجعله يلجأ للقيام بتغييرات جذرية فى الحياة ليتخلص من توتره واكتئابه هذا . وهنا تكمن خطورة تلك المرحلة فى ان بعض هذه التغييرات قد تكون مدمرة للشخص والاسرة فقد تقود هذه الرغبة الشخص الى الهجرة وترك العمل او ترك الخدمة او حتى الايمان  وهذه القرارات عندما تؤخذ فى ارتباك ووتوتر وتسرع عادة ما تقود الامور الى الاسوأ ، لذلك ما اعظم دور المشورة  فى هذه المرحلة ، ما اعظم ان يتم اتخاذ القرارات فى جو جماعى واسرى فلا ينفرد شخص واحد برأيه .

رابعاً : بركات هذه المرحلة :

ان الاساس الذى جعل من هذه المرحلة  مصدرا للبركة يكمن فى توظيف رغبة الانسان فى عمل تغييرات جذرية لحياته توظيفا ايجابيا مما يجعل هذه المرحلة بمثابة فرصة اخرى لعادة اصلاح الحياة او تطويرها . والامثلة على ذلك كثيرة

 وتشمل مجالات متعددة :

 1- فى  هذه المرحلة قد يصبح من السهل قبول الشخص للمسيح كمخلص شخصى لحياته او خروج الشخص للخدمة متفرغا وخادما للرب .

2-  قى هذه المرحلة يشعر الشخص بضعفه اكثر مما سبق حيث يكون الشباب بكل عنفوانه وكبريائه قد مضى ويبدأ الشخص فى ا ن يشعر انه محتاج للاخرين وراغبا فى التقارب معهم  ، وهذا يؤدى الى تطوير علاقة الزواج حيث يقترب الرجل والمرأة اكثر مما سبق او يؤدى الى اصلاح علاقة كانت قد تحطمت على مر السنوات السابقة ، وقد يحقق الانسان بالتالى نموا روحيا نتيجة كسر التعالى والكبرياء .

4- من الامور الهامة فى هذه المرحلة ان يستعد الشخص لمرحلة الشيخوخة بكل صعوبتها تعقيداتها وهى مرحلة يكون فيها الانسان غير قادر على التعلم ويحتاج الشخص فيها الى ممارسة هوايات تملأ فراغه الشديد

5- وتعتبر مرحلة منتصف العمر فرصة جيدة ليتعلم  الشخص امورا جديدة سواتء كانت هوايات او اعمال خفيفة ليواجه بها المرحلة القادمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

العلاج بالمعني Logo Therapy فيكتور إميل فرانكل

مقدمة: هناك شريحة من أبناء هذا الوطن الغالي سحقت على مدى عقود متتالية من الزمن، وبعد سنين …