جسدي. كم أنت مكرَّم
في العهد القديم لم يكن يعطى للمولود إسماً إلا في اليوم الثامن عندما يُخْتَن كما حدث مع يوحنا المعمدان “وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا” (لو 1 : 59)
ومع سيدنا المسيح له المجد “ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حبل به في البطن” (لو 2: 21)
والغرض من هذا إن الطفل قبل أن يُخْتَن لا يكون له وجود ضمن شعب الله وإن لم يُخْتَن فلا يُعَد من شعب الله بل يجب أن يُقْتَل “وأما الذكر الأغلف الذي لا يُخْتَن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها انه قد نكث عهدي” (تك 17 : 14)
فكان الختان علامة في الجسد تميز مَن هو مِن شعب الله ومن هم ليسوا مِن شعب الله.
والختان في العهد القديم رمز للمعمودية في العهد الجديد والتي فيها أيضا ننال الطبيعة الجديدة ونصير متميزين كأعضاء من شعب الله، ومن خلال طقس المعمودية يغطس الكاهن الطفل في المعمودية ثم في طقس الميرون يرشم الكاهن كل أعضاء جسد الطفل بزيت الميرون لماذا؟
لكي لا يصير جسد الطفل الذي قَبِلَ الإيمان ملكاً له بل للمسيح كقول معلمنا القديس بولس الرسول:“ألستم تعلمون إن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفآخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية حاشا” (1كو 6 : 15)
ولكي يصير الطفل عضواً في جسد المسيح الحي”هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضا لبعض كل واحد للآخر” (رو 12: 5)
يا للكرامة العظيمة التي لجسدي ولأعضائي تلك التي صارت أعضاء المسيح؟
فمن خلال المعمودية قد لبسنا المسيح “لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غل 3 : 27)ومن خلال سر التثبيت (الميرون) صارت أجسادنا هيكلاً للروح القدس“أم لستم تعلمون إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم” (1كو 6 : 19)
أيضاً نجد أنه من خلال سر الافخارستيا (التناول) تتحد أجسادنا بجسد سيدنا المسيح له المجد كقوله:
“من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه” (يو 6 : 56)
بل ونصير ثابتين كالأغصان في الكرمة
“أنا الكرمة وأنتم الأغصان الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا” (يو 15 : 5)
وثباتنا كأغصان في الكرمة يعني أننا مشابهين له في طبيعته تماماً كقول معلمنا القديس بولس الرسول:
“ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه” (كو 3 : 10)
“لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه” (أف 5: 30)
يا لعظم أجسادنا وكرامتها
ومادمنا قد تناولنا سر المعمودية والميرون والتناول كأسرار تعطي لأجسادنا قيمة فلا بد لنا أيضا أن نتناول سر مسحة المرضى (صلاة القنديل) الذي فيه أيضاً نهتم بشفاء الجسد وفيه يدعو الكاهن مخاطبا الله الآب قائلاً:
“يا اله الأرواح والأجساد ورب القوات. “
(طلبة الصلاة السادسة في طقس القنديل)
“الله الآب الصالح طبيب أجسادنا وأرواحنا. ”
(الطلبة الأخيرة في الصلاة السابعة في طقس القنديل)
فالله يملك – كإله – على أجسادنا وأرواحنا، وهو طبيب لأجسادنا ولأرواحنا وأنفسنا (بحسب أوشية المرضى).
أجسادنا مكرمة جدا وقد صارت هيكلاً للروح القدس، وقد صرنا أعضاءً في جسد سيدنا المسيح له المجد، الله نفسه يهتم بشفاء أجسادنا وصحة أبداننا
“. وأما الجسد فللمسيح” (كو 2 : 17)
جسدي. ما أقدسك
ثلاثة أجزاء قرأتها في سفر اللاويين أثارت حيرتي وتساؤلاتي، الأجزاء التي قرأتها كانت تدور كلها حول نجاسة المرأة التي تلد ذكراً أو أنثى ثم نجاسة الزوجين بعد العلاقة الزوجية ثم نجاسة المرأة أثناء الدورة الشهرية (المرأة الطامث)، فتعالوا نستعرض هذه النصوص:
1- نجاسة المرأة التي تلد:
“كلم بني إسرائيل قائلا إذا حبلت امرأة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام كما في أيام طمث علتها تكون نجسة. ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها كل شيء مقدس لا تمس وإلى المقدس لا تجيء حتى تكمل أيام تطهيرها. وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما في طمثها ثم تقيم ستة وستين يوما في دم تطهيرها” (لا2:12و4و5)
2- نجاسة الزوجين بعد العلاقة الزوجية:
“وإذا حدث من رجل اضطجاع زرع يرحض كل جسده بماء ويكون نجسا إلى المساء. وكل ثوب وكل جلد يكون عليه اضطجاع زرع يغسل بماء ويكون نجسا إلى المساء. والمرأة التي يضطجع معها رجل اضطجاع زرع يستحمان بماء ويكونان نجسين إلى المساء” (لا16:15-18)
3- نجاسة الطامث:
“وإذا كانت امرأة لها سيل وكان سيلها دما في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء. وكل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجسا وكل ما تجلس عليه يكون نجسا” (لا19:15و20)
بعدما قرأت النصوص السابقة تساءلت:
تُرى ما موقفنا من تلك النصوص؟
وهل يجب علينا أن نلتزم بما جاء بها؟
وقبل كل شيء دعونا نتعرف على معني النجاسة بحسب قول ربنا يسوع المسيح له المجد:
“ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان. حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له أتعلم إن الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. ألا تفهمون بعد إن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج. وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الإنسان. لأن من القلب تخرج أفكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجس الإنسان وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان”
(مت10:15-20)
هذا مفهوم جديد للنجاسة، فالمعني القديم الذي توارثه اليهود عن النجاسة قد قَلَبَه ربنا يسوع المسيح بالتأكيد على أن ما ينجس الإنسان هو – وبالتحديد – أفكار الزنا والقتل والسرقة وشهادة الزور والتجديف وليس نوع الأطعمة أو إهمال غسل اليدين.
ولكن ماذا عن نجاسة الطامث والنفساء والعلاقة الزوجية التي جاءت في الناموس؟ هل نهملها؟
الإجابة نجدها وبالتفصيل في مجمع الآباء الرسل بأورشاليم الوارد بسفر أعمال الرسل (15) والذي انتهى بقرار المجمع:
“إذ قد سمعنا أن أناسا خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس الذين نحن لم نأمرهم. لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلا أكثر غير هذه الأشياء الواجبة. أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنى التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين” (اع24:15-29)
قرارات المجمع هنا يمكننا أن نلخصها في الآتي:
- لم يأمر الرسل بحفظ الناموس (الذين نحن لم نأمرهم).
- الامتناع عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنى.
نرجع لسؤالنا :
ما موقفنا من التطهيرات التي سبق الإشارة إليها في (لا 12و15)؟
هناك من يتشددون ويطالبوننا بالالتزام بكل الناموس مستندين على حقيقتين:
- قول سيدنا المسيح له المجد:
“لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لانقض بل لأكمل” (مت 5: 17)
- وعلي أساس أن الناموس فرائض إلهية لا يمكن تغييرها.
هؤلاء – المتشددون – يظنون أنه لا يمكن التمتع بالخلاص بدون تنفيذ الناموس حرفيًا، خاصة الختان وحفظ السبت والأعياد اليهودية وشرائع التطهيرات، بدونها مصير الإنسان هو الهلاك الأبدي في جهنم.
أما المعتدلون فلا ينكرون هاتين الحقيقيتين، لكنهم يرون أنهما لا يتعارضان مع تحقيق الختان الروحي للذي للحواس، وممارسة الطقوس بفكرٍ روحيٍ بنَّاء، لا حرفي قاتل.
هؤلاء يرون أن غاية الناموس هو أن يقودنا إلى ربنا يسوع المسيح الذي يبرر المؤمنين به. فالعودة إلى الناموس حرفيًا هو نكوص وانحراف عن غاية الناموس ذاته.
ما أجمل ما قاله سيدنا المسيح له المجد للمؤمنين به:
“انتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به” (يو 15 : 3)
وما قاله أيضا لمعلمنا القديس بطرس الرسول في العشاء الأخير:
“قال له يسوع الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله وانتم طاهرون ولكن ليس كلكم” (يو 13 : 10)
ثم انظروا لما يقرره معلمنا القديس بولس الرسول:
“كل شيء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا وضميرهم” (تي 1 : 15)
بعد كل ما سبق:
ألا ترى انك مقدس الجسد والروح؟
فأجسادنا تجددت بالمعمودية وتقدست بالميرون واتحدت بسيدنا المسيح في الافخارستيا.
نحن – إذن – طاهرون ومقدسون في المسيح يسوع
التربية الجنسية. متى؟ وكيف؟
التربية الجنسية. متى؟ وكيف؟ سؤال يردده بعض الآباء والأمهات: متى نبدأ في التربية الجنسية؟…